تمكين المرأة السعودية- رؤية وإنجازات عهد جديد

المؤلف: نجيب يماني10.03.2025
تمكين المرأة السعودية- رؤية وإنجازات عهد جديد

في شهر مارس من كل عام، يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، تكريماً لدورها الجوهري ومكانتها الرفيعة في المجتمع، فهي تمثل نصف المجتمع بل وأحلاه، وجودها يضفي بهجة وسعادة، وغيابها يخلق فراغاً لا يملأه شيء، كمسجد مهجور خالٍ من المصلين.

تحت شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات"، يأتي احتفالنا هذا العام، في الذكرى الثلاثين لأولِ اجتماعٍ عُقدَ عام 1995م، لترسيخ هذه المفاهيم النبيلة.

الله سبحانه وتعالى، بحكمته وعلمه، هو وحده من اختصّ بأمور النساء وأحوالهن، قال تعالى في محكم كتابه: (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن)، إنه لشرف عظيم للمرأة أن يتولى الله بنفسه شؤونها، دون تدخل من أحد، ودون أن يترك الأمر لأصحاب الأهواء والمصالح.

لا أبالغ إن قلت إن سيدات وطني قد حققن إنجازات عظيمة نحو تحقيق شعار هذا العام، فمنذ أن أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان كلماته النيرة في (مجلة ذا أتلانتك الأمريكية)، معلناً دعمه للمرأة باعتبارها نصف المجتمع، ومؤكداً على المساواة بين الجنسين في الإسلام، بادرت المملكة بإصلاحات جوهرية مستندة إلى الشرع الحنيف وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أصدر سموه أكثر من عشرين قراراً محلياً، ترسخ حقوق المرأة، وتمنحها الحق في الوصول إلى الدوائر القضائية، وتجرم إجبارها على الزواج، وتضمن حصولها على نسخة من عقد الزواج وإشعارها بالطلاق، بالإضافة إلى اعتماد نظام الأحوال الشخصية لحمايتها من التعسف والظلم.

حول الأمير محمد بن سلمان حلم المرأة إلى واقع ملموس، لتصبح شريكاً فاعلاً في نهضة المجتمع، محطماً بصلابة كل العقبات التي واجهتها على مدى ثلاثة عقود مضت، وهي فترة "الصحوة" التي ولّت بلا رجعة.

محمد بن سلمان، الرقم الصعب، والمعادلة التي غيرت المسار، برؤيته الثاقبة التي سطرت فصلاً جديداً في تاريخ المملكة العربية السعودية الزاهر، وأدت إلى إصلاح المجتمع، فكانت رؤية التحول الوطني بمثابة نافذة أمل لبنات الوطن، ليطلقن قدراتهن الكامنة، ويستثمرن طاقاتهن الفكرية والعلمية، من خلال توفير فرص العمل والسعودة في مجالات كانت حكراً على الوافدين، بسبب تسلط رجال "الصحوة" وتحكمهم في مقدرات البلاد.

لقد أزيلت القيود الاجتماعية التي كانت تعيق تقدم المرأة، ومُنحت الفرص التي مكنتها من المشاركة الفعالة في مسيرة التنمية والازدهار، وهو مشهد لم نعهده من قبل في تاريخنا.

اليوم، تبشرنا الحقائق بمستقبل مشرق للمرأة وقضاياها، فقد أصبحنا مجتمعاً واعياً، ينظر إلى المرأة باحترام وتقدير، دون تجاوز للقيم والثوابت الدينية، أو الوقوع في المحرمات، إنه عهد جديد أعاد للمرأة كرامتها، بعد أن سلبها البعض إنسانيتها، وحصروها في نظرة قاصرة، واعتبروها مجرد جسد، ووسمها الممتهنون بأنها رجس من عمل الشيطان.

فتحولت المرأة في نظرهم إلى طريدة وفريسة، ومصدر للشهوات والفتن، وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسبوا إليه أقوالاً باطلة، عهد مكن المرأة السعودية من الانطلاق في ميادين العلم والمعرفة، دون قيود أو شروط، من أجل التحصيل والتمكين، عهد أظهر إمكانات المرأة، وبروزها في جميع المجالات، العلمية والمالية والاقتصادية والطبية، وحتى في مجال الفضاء والاختراعات والرياضة والترفيه وصناعة السينما، حيث شهد موسم رمضان تحولاً ملحوظاً في المشهد الفني السعودي، وتصدرت فيه المرأة السعودية أدوار البطولة في العديد من المسلسلات، مما يعكس صورة حقيقية وديناميكية للمرأة السعودية، بعد أن كانت ترزح تحت وطأة "الصحوة" التي قيدت حركتها وحولتها إلى رمز للظلام والنسيان.

عهد أتاح للمرأة أن تعبر عن رأيها بحرية في كل الأمور، وأن تحصل على نصيبها المستحق في المناصب العليا في الدولة، وفي الجيش والعسكرية والأمن، وهي المجالات التي احتكرها الرجال لأنفسهم، متجاوزاً بذلك معضلة قيادة المرأة للسيارة، والخلاف حول كيفية ارتدائها للعباءة، وهل صوتها عورة وخروجها عار، بل وصل الأمر إلى تحريم الرياضة وركوب الدراجات والمشي عليها. وقد شاهدت مقطعاً حضارياً، تجسد في تدخل الأميرة ريما بنت بندر والأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، عندما تم إيقاف عدد من الفتيات في جدة التاريخية لقيادتهن الدراجات، وتم حل الموضوع بالتنسيق بين إمارة مكة المكرمة ووزارة الداخلية، وتم إطلاق سراحهن، وأصبحت ممارسة الرياضة متاحة في جميع أنحاء المملكة. عهد فتح الأبواب المغلقة، وكسر الأقفال الصدئة، وتجاوز الخوف والرهبة من المرأة.

فانطلقت الطاقات الكامنة التي كانت حبيسة في أغلال التقاليد البالية والمفاهيم الخاطئة للدين، فجزا الله قيادتنا الرشيدة خير الجزاء، وهي تعيد للمرأة إنسانيتها المسلوبة، وتمهد لها الطريق نحو تحقيق طموحاتها، وكل عام ونساء الوطن بألف خير.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة